- Published on
هل السماد الفوسفاطي مضر بالبيئة ؟
- Authors
- Name
- رضى الكابوني
- @reda_lgaboni

🌱 السماد الفوسفاطي و استعمالاته
السماد الفوسفاطي هو أحد أهم الأسمدة المستخدمة في الزراعة الحديثة، حيث يوفر عنصر الفوسفور الضروري لنمو النباتات. يتم استخدامه على نطاق واسع في مختلف أنحاء العالم لتحسين إنتاجية المحاصيل الزراعية.
المشكل ليس في هذا السماد نفسه، و لكن في طريقة الحصول عليه. حيث أن عملية إنتاج السماد الفوسفاطي تتطلب معالجة صخور الفوسفاط باستخدام مواد كيميائية خطيرة مثل الأمونياك، مما يؤدي إلى توليد كميات هائلة من النفايات المشعة. هذه النفايات تحتوي على عناصر ثقيلة ومشعة مثل الأورانيوم والطوريوم، والتي تشكل خطراً كبيراً على البيئة وصحة الإنسان. بالإضافة إلى ذلك، فإن عملية التصنيع نفسها تستهلك كميات كبيرة من الطاقة وتنتج انبعاثات ضارة.
🏭 السماد الفوسفاطي المغربي
المكتب الشريف للفوسفاط (OCP) هو المسؤول الرئيسي عن عمليات إنتاج السماد الفوسفاطي في منشأة الجرف الأصفر. تأسس المكتب عام 1920 وهو الآن من أكبر الشركات المنتجة للفوسفاط في العالم. تقع منشأة الجرف الأصفر نواحي مدينة الجديدة، وتعد من أكبر المنشآت الصناعية في المنطقة، حيث تشرف OCP على جميع عمليات الإنتاج والتكرير والتوزيع.
يتم إنتاج السماد الفوسفاطى حاليا بمنشأة الجرف الأصفر عبر تكسير صخرة الفوسفاط عبر حمض الأمونياك. يتم استيراد الأمونياك بشكل رئيسي من الإمارات العربية المتحدة، حيث تعتبر من أكبر موردي الأمونياك في العالم.
الأمونياك هو مادة شديدة الخطورة، حيث أن التعرض المباشر له أو استنشاقه يمكن أن يكون قاتلاً. عند ملامسته للجلد، يسبب حروقاً كيميائية شديدة، كما أن استنشاقه يؤدي إلى تلف الرئتين ويمكن أن يسبب الوفاة في غضون دقائق. حتى التعرض لتركيزات منخفضة منه يمكن أن يسبب تهيجاً شديداً في العينين والجهاز التنفسي.
⚠️ نفايات إنتاج السماد الفوسفاطي
إنتاج 1 طن من السماد الفوسفاطي ينتج عنه 5 طن من نفايات الفوسفور الجبسي phosphogypsum، الذي هو الجبس الغير الطبيعي. حيث أنتجت شركة OCP تقريبا 11 مليون طن من السماد في 2022، مما يعني إنتاج حوالي 55 مليون طن من النفايات. هذا الفوسفور الجبسي يحتوي على ذرتيْ الأورونايوم (²³⁸U) و الطوريوم (²³²Th)، وهما عنصران مشعان ثقيلان. الأورانيوم هو أثقل عنصر طبيعي موجود في القشرة الأرضية، بينما الطوريوم هو عنصر مشع آخر يستخدم في المفاعلات النووية. فيصبح تركيز الإشعاع النووي في النفايات عاليا جدا مقارنة مع صخرة الفوسفاط الموجودة في الطبيعة.
الانشطار النووي هو عملية انقسام نواة الذرة الثقيلة إلى نواتين أو أكثر أصغر حجماً، مصحوباً بإطلاق كميات كبيرة من الطاقة والإشعاع. فتبدأ بعدها سلسلة الانشطار النووي نحو نواة الراديوم (²²⁶Ra) التي تنشطر بدورها لغاز الرادون (²²²Rn). غاز الرادون هو غاز مشع عديم اللون والرائحة، وهو ثاني أكبر مسبب لسرطان الرئة بعد التدخين. عند استنشاقه، يتحلل في الرئتين ويطلق جزيئات ألفا المشعة (α) التي يمكن أن تلحق الضرر بالخلايا وتؤدي إلى طفرات جينية. التعرض المطول لتركيزات عالية من الرادون يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بسرطان الرئة، خاصة عند المدخنين.
🌍 الأضرار على البيئة
في المغرب، يتم طرح النفايات أساسا في البحر، مما يؤدي إلى تلويث الفونة البحرية أي الأسماك و النباتات و المناطق الساحلية عبر تبخر مياه البحر الملوثة. هذه الممارسة تؤثر بشكل مباشر على النظم البيئية البحرية، حيث تتراكم المواد المشعة في الأنسجة الحيوانية والنباتية، مما يؤدي إلى اختلال التوازن البيئي وتدهور التنوع البيولوجي. كما أن التلوث يصل إلى السلسلة الغذائية، مما يشكل خطراً على صحة المستهلكين للأسماك والمأكولات البحرية.
و بينما يضع هذه النفايات قبل الطرح، ينتشر غاز الرادون بفعل حركة الرياح و يتطاير غبار الأورنايوم و الطوريوم micro-particles ليترسب بعدها فوق التربة، ثم بعد هطول الأمطار يمتزج الخليط مع الفرشة المائية. هذه العملية تؤدي إلى تلوث التربة والمياه الجوفية على المدى الطويل، حيث تتراكم المواد المشعة في الطبقات السفلية من التربة وتصل إلى مصادر المياه الجوفية.
و مؤخرا، هناك مشروع لطمر الفوسفور الجبسي تحت الأرض في منشأة نواحي آسفي. هذا المشروع يهدف إلى تقليل التأثيرات البيئية للنفايات، لكنه يثير مخاوف جديدة حول سلامة التخزين تحت الأرض على المدى الطويل. حيث أن أي تسرب محتمل يمكن أن يؤدي إلى تلوث خطير للتربة والمياه الجوفية في المنطقة، كما أن عملية الطمر نفسها تتطلب مراقبة مستمرة وضمانات صارمة لسلامة التخزين.
تحول منطقة دكالة من منطقة معروفة بالزراعة و تربية المواشي إلى منطقة شبه قاحلة ليس عبثاً، بل بسبب تغير تركيبة التربة و الماء اللذان أصبحا يحتويان على تريكيزات عالية من المواد المشعة، التعرض لفترة طويلة عبر استنشاق غاز الرادون أو شرب مياه تحتوي على ذرات ثقيلة بتركيزات عالية (الطوريوم، الراديوم.. و أثقلها الأورانيوم) هو سبب رئيسي للإصابة بالسرطان.